
وسط أضواء متلألئة وأصوات تشجيع تملأ الفضاء، وقفت أروى، إحدى الزائرات القادمات من جازان، مذهولة أمام ضخامة المشهد في "بوليفارد الرياض سيتي". بين يديها كوب من القهوة السعودية الأصيلة، وتحيط بها شاشات عملاقة تعرض منافسات "كأس العالم للرياضات الإلكترونية"، بينما ترتدي بسعادة سترة فريقها المفضل. تقول مبتسمة: "لم أتوقع أن تكون البطولة بهذا المستوى من التنظيم والاحترافية، إنها ليست مجرد منافسات، بل تجربة ثقافية كاملة!"
هذا المشهد لم يكن سوى جزء من لوحة أكبر رسمتها العاصمة السعودية خلال استضافتها للنسخة الأخيرة من البطولة العالمية، التي نجحت في تجاوز مفهوم الفعالية الرياضية التقليدية، لتصبح مهرجاناً شاملاً يدمج بين الترفيه الرقمي، الثقافة المحلية، والابتكار التقني.
في مركز البطولة، برزت صالة "سيف أرينا" كجوهرة التاج، حيث استقبلت أكثر من ألفي متفرج يومياً لمتابعة المنافسات المحتدمة على شاشات عملاقة، مدعومة بأحدث تقنيات الصوت والإضاءة التي حوّلت كل مباراة إلى عرض سينمائي مثير.
أما خارج القاعة الرئيسية، فقد انتشرت مناطق التجارب التفاعلية التي جذبت الزوار من كل الأعمار. في "إس تي سي بلاي غيمينغ هول"، اندمج الحضور في تحديات مباشرة ضد أصدقائهم أو حتى ضد خوارزميات الذكاء الاصطناعي، بينما توافد عشاق السرعة على "أرامكو سيم أرينا" لتجربة محاكاة سباقات "فورمولا 1" عبر أجهزة متطورة تحاكي واقع الحلبات العالمية بدقة مذهلة.
بعيداً عن الضجيج، اكتشف الزوار جانباً آخر من البطولة في "متحف إرث الرياضات الإلكترونية"، الذي سرد تاريخ تطور الألعاب الرقمية محلياً وعالمياً، مع تركيز خاص على إنجازات السعودية في هذا المجال. أعجب الزائر الكوري "ليو" بالمعروضات قائلاً: "المتحف يقدم رحلة رائعة تظهر كيف أصبحت السعودية لاعباً رئيسياً في عالم الرياضات الإلكترونية".
ولم تكن التجربة تكتمل دون زيارة "مهرجان الأطعمة الشعبية"، حيث تماوجت روائح المطازيز والجريش مع نكهات عالمية، في مشهد جسّد الانسجام بين الأصالة والانفتاح.
مع ساعات المساء، تحولت البطولة إلى واجهة ترفيهية عالمية، حيث أحيى نجوم مثل فرقة "بلاك آيد بيز" والمنتج "ميترو بومين" حفلات غنائية أسقطت الحدود بين العالم الرقمي والواقعي.
وفي ظل حضور جماهيري تجاوز 100 جنسية، بفضل تأشيرات الفعالية وخدمات الإقامة الميسرة، قالت نورة، إحدى الحاضرات: "هذا الحدث ليس للاعبين فقط، بل هو احتفال بثقافة جيل جديد".
بهذه التجربة الفريدة، أثبتت السعودية أنها قادرة على إعادة تعريف مفهوم الرياضات الإلكترونية، من خلال دمجها مع التراث والابتكار في إطار واحد. كما عززت مكانتها كوجهة رقمية رائدة، تضع الأسس لمستقبل حيث تصبح الرياض عاصمة العالم في صناعة الألعاب والترفيه الرقمي.